الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اكتئاب ما بعد الولادة: مدته الطبيعية وكيفية التخلص منه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا امرأة متزوجة، ولدي أطفال –بحمد الله–، ولكن بعد ولادتي بأسبوع، بدأت تظهر لدي الأعراض التالية:
قلة في الشهية، أرق، خمول وكسل، حزن دون مبرر، غضب من مشاكسة الأطفال حتى في الأمور التافهة، وعدم الرغبة في القيام بأي عمل.

أشعر بميل إلى البكاء، وقد بكيت عدة مرات بدون سبب واضح، والآن مرّ على ولادتي بطفلتي الجديدة 45 يومًا، وهذه الأعراض في ازدياد، علمًا بأن حياتي الزوجية هادئة وسعيدة، فهل هذه أعراض اكتئاب، وما علاجها؟ أم أنها فترة طبيعية مؤقتة وتمضي؟

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هنالك بعض الحقائق العلمية المهمة جدًا، وهو حوالي 50-60% من النساء يصبن بشيء من القلق والتوتر وعسر في المزاج يبدأ من اليوم الثاني من الولادة، وقد يستمر إلى أسبوع، أو عشرة أيام.

هذه الحالة حالة طبيعية وعادية جدًا، وقد فسرها العلماء أنها ربما ناتجة من تقلبات هرمونية، أو ناتجة من إجهاد الأم في أثناء الولادة، وهنالك نظريات أخرى كثيرة.

إذًا مرحلة الأرق والحزن البسيط، وكذلك الشعور بالإجهاد الجسدي والنفسي والتوترات والانفعالات التي تعقب الولادة، هي مرحلة طبيعية عند عدد كبير من النساء، ولكن بالطبع هذه الأعراض يجب أن تقيم من ناحية الكم والكيف، بمعنى أنه إذا كانت الأعراض شديدة واستمرت لمدة أكثر من أسبوعين مثلًا، هنا نستطيع أن نقول: إن هذا الوضع غير طبيعي بعض الشيء، وربما يكون هناك إمكانية بالفعل؛ لأن تكون الحالة قد تحولت إلى حالة اكتئابية.

وبما أنك الآن في اليوم الخامس والأربعين بعد الولادة، وهذه الأعراض في ازدياد، فلا شك أن هذا أمر لا يمكن تجاهله.

واكتئاب ما بعد الولادة سهل العلاج جدًا، خاصة إذا لم يكن هناك تاريخ مرضي سابق في الأسرة، أي أن أحدًا من أفراد العائلة أو الأقربين لا يعاني من الاكتئاب، أو لم يحدث اكتئاب في الولادات السابقة، لأن الولادة الأولى عادةً ما تكون أكثر المراحل التي يظهر فيها اكتئاب ما بعد الولادة.

وعمومًا، فإن المؤشرات لديك –بإذن الله– تدل على أن الحالة بسيطة، وحتى نتمكن من احتوائها وعلاجها مبكرًا، ينبغي أن نتعامل معها على أنها حالة اكتئابية.

ومن حقك أن تشعري بالراحة النفسية، وأن تسعدي مع زوجك وأبنائك، ولا أرى مانعًا من تناول دواء بجرعة بسيطة، على أن نُراعي التوازن بين متطلبات الرضاعة الطبيعية، وسلامة الطفلة، وتحسين حالتك النفسية.

هناك محاذير حول استعمال الأدوية خلال فترة الرضاعة، ولكن هنالك عقار يعرف علميًا باسم (باروكستين Paroxetine)، ويعرف تجاريًا باسم (زيروكسات Seroxat)، يرى الكثير من الباحثين أنه يمكن تناوله بجرعة صغيرة في مثل هذه المرحلة التي تمرين بها؛ ولذا أقول لك: ابدئي في تناول الزيروكسات بجرعة نصف حبة -عشرة مليجرامات-، استمري عليها لمدة شهرين، ثم بعد ذلك تناولي الجرعة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناولها.

نحن نتعاون مع الحالة كحالة بسيطة، كعسر في المزاج، وإن كان هذا الأمر قد نشأ من اضطراب بيولوجي، أو عدم توازن في الهرمونات الدماغية أو النسوية، فإن شاء الله هذا الدواء البسيط سوف يضع الأمور في مسارها الصحيح، وفي نفس الوقت ليس هنالك ما يمنع من أن تستمري في إرضاع الطفلة.

لا بد أن تكوني أكثر تفاؤلاً، ضعي صورة إيجابية عن نفسك، انظري إلى هذه الذرية التي رزقك الله بها كنعمة عظيمة، وهي بالطبع كذلك، ولا تضعي صورة أو فكرة مشوهة أو تشاؤمية عن نفسك أو عن أسرتك، هذا أمر مهم وضروري، والاكتئاب دائمًا يتصيد الناس من بوابة التشاؤم، ولا شك أن الدعاء والصلاة وتلاوة القرآن والذكر هي من أفضل ما يساند الإنسان في حياته، ويبني دافعية نفسية إيجابية، ويكون مزاج الإنسان في حالة طمأنينة.

وختامًا: نشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً