الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النسخ.. مفهومه.. أقسامه.. الاستدلال به

السؤال

هل نسخ الآية يُبطل حكمها؟ أي: الآيات التي نُسخ حكمها في القرآن الكريم، ولكنها لا تزال موجودة وتُتلى، هل يجوز الاستدلال بها أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن النسخ في عُرف الشرع يراد به: رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر عنه، كذا في الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (2/ 461).

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في مذكرة أصول الفقه:
النسخ ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- نسخ رسم الآية مع بقاء حكمها، مثال ذلك آية الرجم وهي قوله تعالى: {الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم}. كما ثبت التنويه بهذه الآية عن عمر -رضي الله عنه- في خطبته في الصحيحين.
2- نسخ حكم الآية دون رسمها، مثال ذلك نسخ حكم آية اعتداد المتوفى عنهن أزواجهن حولاً، مع بقاء رسمها في المصحف وتلاوتها.
3- نسخ رسم الآية وحكمها معاً. مثال ذلك: ما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة -رضي الله عنها-: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن
. انتهى بتصرف.

وبهذا يعلم أن المنسوخ حكما يرفع حكمه ويبطل، وأنه لا يستدل بالنص المنسوخ على الحكم المنسوخ إذا ثبت نسخه.

قال القرطبي في تفسير آية: مَا نَنْسَخ مِنْ آيَة: ... وهذه آية عظمى في الأحكام، وسببها أن اليهود لما حسدوا المسلمين في التوجه إلى الكعبة وطعنوا في الإسلام بذلك، وقالوا: إن محمداً يأمر أصحابه بشيء ثم ينهاهم عنه، فما كان هذا القرآن إلا من جهته، ولهذا يناقض بعضه بعضاً، فأنزل الله: وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ. وأنزل: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ. اهـ.

وقد يبطل الحكم الشرعي في الآية كالوجوب، وتبقى الآية دالة على الاستحباب، ففي صحيح مسلم عن سعد بن هشام أنه سأل عائشة فقال: يا أم المؤمنين؛ أنبئيني عن قيام نبي الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: أليس تقرأ هذه السورة يا أيها المزمل؟ قلت: بلى، قالت: فإن الله -عزَّ وجلَّ- افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولًا، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرًا في السماء، حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعًا بعد فريضة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني