نوبات الهلع الشديد، وكيفية التخلص منها؟
2025-05-11 01:51:54 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب، عمري 23 سنةً، مشكلتي بدأت منذ عامين تقريبًا، في ليلة من ليالي الصيف فوجئت بضربات قلبي تتسارع، وبتنميل الأطراف، فأحسست أني سأموت في تلك الساعة؛ مما أشعرني بالذعر والخوف، فزادت حدة الضربات، ومن شدة الخوف ذهبت إلى مصحة، فقاموا ببعض الإجراءات الأولية، وقال لي الطبيب: اذهب وخذ قسطاً من الراحة، وذلك ما فعلت، حيث ذهبت للبيت، ونمت، ولكن منذ تلك اللحظة وأنا أراقب ضربات قلبي، كلما أسرعت أحس أني سأواجه نفس الظرف، فأصبت بفقدان الشهية لمدة 9 أيام؛ فأنا تقريبًا لا آكل شيئًا، وإنما أشرب فقط، وإذا ما واجهت ذلك الموقف مرةً ثانيةً فسوف أموت لا محالة.
صرت على هذه الحال حتى نسيت مع الوقت، إلا أنني بدأت أخاف إذا تكلم أحد عن مرض ما، وأشعر بأني ربما أكون مريضًا به، ثم تغلبت على هذه الحالة مع الوقت، ثم دخلني بعض الشك عندما سمعت أن ذلك يمكن أن يكون من مظاهر المس، فأصبحت أفكر في مستقبلي، وكيف سأعيش وأنا على هذه الحالة؟ علمًا بأني متزوج -والحمد لله- أصبحت أفكر في المستقبل أكثر مما أفكر في الحاضر.
بعد هذا الموقف بعام ونصف، كنت نائمًا، وإذا بي أستيقظ وضربات قلبي سريعة، وأرتجف، مع إحساس بالبرودة، وكأن قلبي سيتجمد من البرودة، وأني سوف أموت في تلك اللحظة، ولم أر أمي وأبي وزوجتي؛ لأنهم يعيشون في المهجر، ومرت فترة، ثم عاودتني نفس الحالة، وهذه المرة أحسست أني سأموت، وأني سأفقد عقلي، وسأجن.
المشكلة أن هذه الحالة أصبحت تنتابني تقريبًا كل يوم، وأصبحت نفسيتي تتغير كلما ذهبت للنوم، وكأني سأواجه نفس المشاكل، علمًا بأني في النهار أكون مرتاحًا، لدرجة أني لا أحس بأنني متوتر نفسيًا، ولكني أغضب من أقل شيء، حيث إذا تكلم معي أحد بأسلوب لا يعجبني أغضب، وأحس بسرعة ضربات قلبي، وارتفاع ضغطي.
هذه هي حالتي، ولا أعرف ما سببها؟ علمًا بأني ذهبت لطبيب القلب والشرايين، وقال لي: إن قلبك سليم من الناحية العضوية، ولكنك تعاني من انفعال في القلب، وقد زرت هذا الطبيب بعد مرور عام ونصف على هذه المشاكل.
أريد أن أعرف ما تشخيص حالتي؟ وما هو الحل؟ وجزاكم الله عنا خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد وصفت حالتك بدقة شديدة تجعل أمر التشخيص سهلاً جدًا -إن شاء الله-، فالنوبة الأولى التي أصابتك، وبقية النوبات التي حدثت لك، تشخص تحت طائلة أمراض القلق، وهذه الحالة بالذات تسمى: بنوبات الهلع أو الهرع، والبعض يسميها بالاضطراب الفزعي، وهذه حالة من القلق النفسي المفاجئ جدًا، لا يعرف لها سبب في معظم الأحيان، وكما تفضلت يكون هنالك ضربات شديدة في القلب، وضيق، وخوف، والبعض يأتيه شعور بقرب الموت، وهذه الحالة يتولد عنها نوع من الوسواس، أو ما نسميه بتوقع القلق، أو القلق التوقعي، بمعنى أن الإنسان دائمًا يعيش مترقبًا أن هذه الحالة سوف تأتيه، وكيف سيكون الخلاص، وماذا يفعل.. وهكذا، وأعتقد أن هذا ما حدث لك، وكثير من الذين يعانون من هذه الحالات يلجؤون لأطباء القلب والشرايين -كما فعلت أنت-، بالرغم من أن الحالة لا علاقة لها مطلقًا بأمراض القلب، إنما هي حالة نفسية بسيطة، فأرجو أن نكون قد أوضحنا لك طبيعة الحالة التشخيصية.
يأتي بعد ذلك العلاج، هنالك أدوية ممتازة وفعالة جدًا لعلاج هذه الحالة، من هذه الأدوية دواء يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram)، فأرجو أن تبدأ في تناوله، وجرعة البداية هي عشرة مليجرام يوميًا ليلاً بعد الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم ارفعها إلى عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعل الجرعة مرةً أخرى عشرة مليجرامات، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة مليجرامات –أي نصف حبة من فئة الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام–، استمر على هذه الجرعة الصغيرة لمدة شهر، ثم اجعلها نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.
كما تلاحظ فإننا قمنا بتقسيم المراحل العلاجية الدوائية إلى مرحلة البداية، ثم مرحلة العلاج، ثم مرحلة الوقاية، والتوقف التدريجي عن تناول الدواء، ويتميز هذا الدواء بأنه سليم، ودواء فعال، وسوف تجد منه خيرًا كثيرًا -إن شاء الله- والدواء ليس له آثار سلبية، غير أنه ربما يفتح الشهية للأكل قليلاً، كما أنه قد يؤدي إلى تأخر بسيط في الإنزال المنوي لدى بعض الرجال، ولكنه بطبيعة الحال لا يؤدي أبدًا لأي تغيرات هرمونية، ولا يؤثر على الإنجاب، أو على ذكورة الرجل.
هذا بالنسبة للعلاج الدوائي، وأعتقد أنه مهم وضروري جدًا، وبالنسبة للعلاجات الأخرى: وجد أن ممارسة الرياضة، كالمشي، أو الجري، مفيدة في علاج مثل هذه الحالات.
توجد أيضًا تمارين نسميها بتمارين الاسترخاء؛ لها فائدة كبيرة جدًا أيضًا، وتمارين الاسترخاء يمكن تطبيقها بأن تجلس في غرفة هادئة، ويجب أن يكون الجلوس على كرسي مريح، أو يمكنك أن تضطجع على السرير، بعد ذلك تأمل في حدث طيب وسعيد، مع ضرورة التركيز الشديد، ثم أغمض عينيك، وافتح فمك قليلاً، بعد ذلك خذ نفسًا عميقًا وبطيئًا عن طريق الأنف، وهذا هو الشهيق بالطبع، ولا بد أن يكون التنفس من الحجاب الحاجز حتى يكون عميقًا، بعد أن تملأ صدرك بالهواء أمسك الهواء قليلاً في صدرك، ثم أخرجه بعد ذلك بكل قوة، وكل بطء، عن طريق الفم، وكرر هذا التمرين خمس مرات متتالية، بمعدل مرة في الصباح، ومرة في المساء، واستمر عليه لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ثم اجعله مرةً واحدةً في اليوم، لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ثم يمكنك تطبيقه عند اللزوم؛ أي إذا شعرت بأي نوع من الضيق أو القلق.
من الضروري جدّاً أن تعيش حياةً طبيعيةً، وأن تتجاهل هذه النوبات، وأن لا تتردد على الأطباء؛ فهي حالة نفسية بسيطة، وليس من الضروري أبدًا أن يكون لها أي سبب، وأنا على ثقة كاملة -إن شاء الله- أنك بتناولك للدواء الذي وصفناه، وكذلك تطبيق التمارين السلوكية، ستجد أن الحالة قد اختفت، وفي نفس الوقت ستجد أن الخوف الوسواسي قد انتهى أيضًا، كما أن مزاجك قد انشرح وتحسن كثيرًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك تواصلك معنا في إسلام ويب.