الشخصية القلقية، وكيفية التعامل معها

2025-05-20 23:00:26 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة بدأت دراستي بشكل سيئ، وكنت أعاني من صعوبة في فهم المواد الدراسية، بالإضافة إلى ضعف في القراءة والكتابة، كما أن المشاكل الأسرية وتعامل والدي غير الجيد معنا، زاد من خوفي وانعدام شخصيتي، في مرحلة المتوسطة والثانوية: كنت أعاني أكثر، حيث كان إخوتي يسخرون مني إذا نصحتهم، أو حاولت توجيههم وتحذيرهم من الوقوع في الأخطاء، فأصبحت منبوذة منهم، وكانوا يتجنبون المكان الذي أكون فيه.

في المرحلة الجامعية: بدأت شخصيتي تقوى، وصرت أثق في نفسي، ولكنني كنت أتعرض للمضايقات من بعض أخواتي اللاتي أنصحهن، وخاصة وقت غضبهن، كنت أظهر الصرامة في تعاملي معهن، لكن داخلي كان ضعيفًا، وسرعان ما تنجرح مشاعري، صرت أخاف إذا نشب أي خصام بين شخصين، وأنسحب من المكان على الفور، أصبحت لا أحتمل أي نقاش، وأشعر بضيق واكتئاب، لكنني كنت أكتم حالتي النفسية بداخلي ولا أظهرها.

قلت زياراتي في الآونة الأخيرة، وأحس بالكسل والألم، وأتناول الطعام بكثرة حتى دون أن أشعر بالجوع، وأحيانًا أشعر بالشبع طوال اليوم، لكن شهيتي تنفتح في الليل، ونتيجة لذلك زاد وزني بشكل كبير، وأصبح جسمي محرجًا، فأشعر بالحزن على شكلي، فصرت أميل إلى الوحدة، ولكنني سرعان ما أمل منها، وإذا خرجت، أمل بعد ربع ساعة وأعود إلى الوحدة.

دائمًا أظهر القوة، لكن في أغلب المشاكل أنهار وأحس باختناق، وأود أن أصيح، وأتمنى أن أرتاح من العذاب، لكني أمتنع وأفرغ ما بداخلي بالبكاء باختناق بدون صوت، وألجأ إلى الله في كل ضيق، دون يدري أحد؛ لأني لا أريد أحداً يحس بضعفي ويزيد من مضايقتي.

الآن أشعر أن نفسيتي متعبة، ولا رغبة لي في عمل أي شيء، وتأخر زواجي زاد من حالتي سوءًا، فأصبحت أعاني من آلام في جسدي كله، وتشنجات في عضلاتي، خاصة في الصدر والظهر وحول الكلية اليسرى، وألم في رأسي ودوخة، بالإضافة إلى أعراض كثيرة أخرى، أشعر أن قلبي سيتوقف في أي لحظة، وأعاني من اضطراب في نبضات القلب، وإذا شعرت بالخوف، أحس بوخز في قلبي.

في مرحلة المتوسطة والثانوية أصبت بارتفاع ضغط الدم، -والحمد لله- شفيت منه، وقبل خمس سنوات، أجريت تحاليل وأشعة وتخطيطًا، وأظهرت النتائج وجود تضخم في القلب، وتمدد في الرئتين، وفقر دم، وضعف بسيط في الغدة، -والحمد لله- تعالجت من فقر الدم، وأجريت تخطيطًا للقلب مرتين، وقالوا إنه سليم، أما الغدة، فلم أعد أتابع حالتها ولا أعرف أين وصلت.

أما بالنسبة للرئتين: فما زلت أعاني من مشاكل في كامل الجهاز التنفسي، والعلاج لا يفيد إلا في تهدئة الأعراض فقط، لكن -الحمد لله- بنية جسمي وقوة تحملي تساعدني كثيرًا، فبماذا تنصحوني؟

جزاكم الله كل خير.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن سردك للأعراض بهذه الطريقة المرتبة والمنظمة، يدل على أن حالتك بسيطة، فأنت لديك أعراض وسمات القلق بصورة واضحة، وهذا القلق أصبح يخالطه شيء من الاكتئاب النفسي، وهذا نسميه بالقلق الاكتئابي أو الاكتئاب القلقي، وهي حالة منتشرة جدًا، ربما تكون شخصيتك في الأصل عرضة لمثل هذه الأعراض؛ وذلك نسبة لاستعداد غريزي، أو الخلفية التربوية والتنشئة قد تكون لعبت دورًا في ذلك.

عمومًا: الذي أريده منك الآن هو أن تنظري إلى نفسك نظرة إيجابية، أنت تخطيت الكثير من العقبات -ولله الحمد-، وأصبحت -بفضل الله- راشدة، ومكوناتك النفسية والشخصية تساعدك -إن شاء الله- أن تعيشي حياة تعتمدين فيها على نفسك، نوتكوني إيجابية، عليك فقط بتقوية عزيمتك وإرادتك، وأنصحك بأن تضعي صورة إيجابية عن نفسك.

الإنسان إذا جعل الأفكار السلبية المشوهة تسيطر عليه، يحس دائمًا بأنه قلق، وبأنه متوتر، وأنه مهزوم، وأنه مكسور الخاطر، هذا يعالج حقًا بأن يبدل الإنسان ويغير ما بداخله، وذلك بالتذكر ما هو إيجابي في حياته، بأن يعيش حاضره بقوة، والمستقبل بأمل ورجاء.

حالات الكسل التي تعانين منها، وكذلك زيادة الشهية للطعام، هي دليل قاطع على أنك تعانين من نوع معين من الاكتئاب النفسي، هذا الاكتئاب النفسي يستجيب وبصورة فاعلة لدواء يسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى تجاريًا باسم (بروزاك Prozac)، هو من المضادات القوية والجيدة والسليمة وغير الإدمانية، والتي لا تؤثر مطلقًا على الهرمونات النسوية.

فأرجو أن تبدئي في تناول هذا العلاج، وجرعة البداية هي عشرون مليجرام -كبسولة واحدة- يوميًا، تناوليها بعد الأكل، استمري على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، يمكنك أن تتناوليها كجرعة واحدة، ويجب أن تستمري على هذه الجرعة، وهي الجرعة العلاجية لمدة ستة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم إلى كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء، ومن وجهة نظري أن هذا الدواء سوف يفيدك كثيرًا، وسوف يساعدك حتى في تطبيق الإرشادات السلوكية السابقة التي ذكرناها لك.

عليك أن تديري وقتك بإتقان، وممارسة أي نوع من التمارين الرياضية المتاحة للفتاة المسلمة سوف تكون مفيدة لك، هناك أيضًا تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، أرجو أن تتدربي عليها؛ وذلك بالحصول عل كتيب أو سي دي من إحدى المكتبات الكبيرة، وتطبيق هذه التمارين؛ حيث إنها مفيدة جدًا، ومريحة للنفس والجسم.

ما تعانين منه من مشاكل جسدية بسيطة، أرجو أن لا تكون شاغلًا لك، -فالحمد لله- القلب سليم، والتخطيط سليم، وما يوجد بالرئة أعتقد أنه نوع من الحساسية، ويعرف أن القلق النفسي يزيد من حساسية الرئتين، فأعتقد أن العلاج النفسي سوف يفيدك فيما تعانين منه من علة في الجهاز التنفسي، ولكن هذا لا يعني أن لا تتابعي مع طبيب الجهاز التنفسي، أو طبيب الأمراض التنفسية.

نسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع استشارات إسلام ويب، وبالله التوفيق.

www.islamweb.net