الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أستمر مع زوجي البخيل الذي يحرمني من حقوقي كزوجة وأم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة في الثامنة عشرة من عمري، تزوجت من شاب أصم ينتمي إلى عائلة ثرية، منذ زواجي به مضت سنة كاملة واكتشفت خلالها أنه شاب بخيل جدًّا، لا يُنفق عليّ، ويضربني إذا طلبتُ منه أي شيء، حرمَني من حقوقي الزوجية، وأرغب في إنجاب الأطفال، لكنه يرفض ويقول: "الأولاد يحتاجون إلى مصاريف، وأنا لا أستطيع"، ويشترط أن أكمل دراستي وأعمل ثم أتكفّل بنفسي وبالأولاد لاحقًا.

ماذا أفعل يا شيخ؟ أنا في حيرة من أمري، وصدري ضاق بما أواجه، وتمنيت لو كنت تزوجت من شابٍ فقيرٍ يمنحني حياة سعيدة، أليس من حقي أن أنجب الأطفال؟ ماذا أفعل مع هذا الزوج يا شيخ؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنَّ البُخلَ نَقصٌ وعَيبٌ في الشخصيَّة، والبخيلُ عدوٌّ للنِّساء، ونسألُ الله أن يرفعَ عنكِ البلاء، ويجلبَ لكِ الخيرَ والسعادةَ والهَناء، ونرحِّبُ بكِ في موقعكِ بين إخوانكِ وآبائكِ.

كُنَّا نَتمنّى لو حَرِصَتِ الأخواتُ الكريماتُ على ذِكرِ الإيجابيّات قبلَ التوسُّعِ في عرضِ السَّلبيّات؛ فإنَّ ذلك أدعى للإنصاف، كما أنَّ استِحضارَ الجوانبِ الإيجابيَّة يُسهمُ في فتحِ القلوب، ويُسهِّلُ مَهمَّةَ من يسعى للمُساعدةِ والنُّصح.

ونَرى أنَّ سَنةً واحدةً من الزَّواج لا تكفي لإصدارِ حُكمٍ نهائيٍّ على العَلاقة، لاسيّما أنَّ السَّنة الأولى غالبًا ما تكونُ فترةَ شَدٍّ وجذبٍ، يُحاوِلُ فيها كلُّ طَرَفٍ التأثيرَ على الآخَر وفرضَ نمطِ حياتِه، والمطلوبُ في هذه المرحلة: التَّعارفُ، ثم التَّفاهمُ، فالتَّأقلُّمُ، فالتَّنازُلُ المُتبادَل، حتّى يتحقّقَ التَّآلُفُ والوِئام، وغالبًا ما تَحتاجُ هذه الأمورُ إلى صَبرٍ، خاصّةً إذا كان لدى أحدِ الطَّرفَينِ ما يُعيقُ التَّواصُلَ النّاجح.

كما أنَّنا نُفرّقُ بين مَن يَرفُضُ الإنجابَ مُطلَقًا، ومَن يُؤخّره لأسبابٍ وظروفٍ معيَّنة، وقد فَهِمنا من كلامِكِ أنَّ الزَّوجَ لا يَرفُضُ الإنجابَ تمامًا، بل يُفضّلُ تأخيرَه، معَ العِلمِ أنَّ الأمرَ في نِهايةِ المطافِ بيدِ الله تعالى، وطريقةُ الحِوارِ في مثلِ هذه القضايا مُؤثّرةٌ جِدًّا، فبالحِوارِ الهادئِ تُزالُ المخاوفُ وتُصحَّحُ المفاهيم.

وقد لا تَكونُ الرسائلُ بينكما قد وصَلَت بالصّورةِ الصَّحيحة؛ فقد يَظُنُّ الرجلُ أنَّ حرصَ المرأةِ على الإنجابِ سببه الرَّغبةُ في التَّسلُّطِ على أموالِه، وقد تظُنُّ المرأةُ أنَّ رَفضَ الزَّوجِ للإنجابِ دليلٌ على عَدَمِ الرَّغبةِ في الاستمرارِ معها، وهُنا تَكمنُ الإشكاليَّة.

أمَّا مسألةُ الضَّرب، فليتَنا نَعلَمُ أسبابَها:
- هل هو ناتجٌ عن تربيةٍ قاسيةٍ في أُسرتِه؟
- أم بسببِ سُخريةٍ أو احتِقارٍ من قِبلكِ؟
- أم هو سُلوكٌ مُتأصِّلٌ فيه وظُلمٌ بَحت؟

ومدُّ اليدِ على الزَّوجةِ ليسَ من شِيَمِ الكِرام، بل هو ضَعفٌ وعَجزٌ، وله عواقِبُ وخيمةٌ، وهنالك وسائلُ عديدةٌ للتَّعاملِ مع الزَّوجةِ إن نَشَزت، تَسبقُ الضَّربَ بكثير.

نَرجو منكِ إيضاحًا أكثرَ، ونُوصيكِ بالصَّبرِ وتقوى الله، والإكثارِ من الدُّعاءِ واللُّجوءِ إليه، فبيدِه سبحانه تَفريجُ الكُروب، وتَيسيرُ الأمور.

وباللهِ التوفيقُ والسَّداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً